هل عرفت السينما المصرية مفهوم الـcult؟
كتب Amgad Gamal |  نشر في : 9:09 ص
0
نُشر هذا المقال للمرة الأولى بعدد شهر مايو من مجلة الدوحة
الـ Cult من المفاهيم الفنية التى عرفتها السينما الأمريكية منذ عقود، وتجدر الإشارة الى أنه ليس نوع (Genre) معين لتصنيف الأفلام مثل الكوميديا أو الحركة أو الرومانسية بينما هو حالة مميزة يشترك فيها العمل الفنى مع الجمهور أياً كان التصنيف الفنى لهذا العمل. وتلك الحالة لها عديد من السمات التى اذا انطبقت كلها أو بعضها على فيلم معين نستطيع حينها أن نصفه بأنه فيلم Cult.
فى البدء يجب التوقف أمام الترجمة الحرفية لكلمة Cult والتى تعنى "طائفة" من الناس تربطها صفة مشتركة. وبإسقاط المفهوم على السينما فهو سيعنى الأفلام التى تحظى بمكانة خاصة عند مجموعة معينة من الجمهور، بالرغم من أنها لم تتمتع بالتقدير الجماهيرى العام أو الاحتفاء النقدى بصورة كافية لاعتبارها من الروائع وقت صدورها، ولكنها اكتسبت مع مرور الوقت جماهيرية متصاعدة بين قطاعات معينة وفى أحيان تكون قد اكتسبت مديح وإعادة اكتشاف من النقاد أنفسهم باعتبارها لم تأخذ حقها أو تم فهمها بشكل خاطىء أو لم يسلط عليها الضوء بشكل كافٍ، أو حتى تم منعها لما تحتويه من عنف مفرط أو جرأة جنسية، أو مواضيع شائكة.
الـ Cult من المفاهيم الفنية التى عرفتها السينما الأمريكية منذ عقود، وتجدر الإشارة الى أنه ليس نوع (Genre) معين لتصنيف الأفلام مثل الكوميديا أو الحركة أو الرومانسية بينما هو حالة مميزة يشترك فيها العمل الفنى مع الجمهور أياً كان التصنيف الفنى لهذا العمل. وتلك الحالة لها عديد من السمات التى اذا انطبقت كلها أو بعضها على فيلم معين نستطيع حينها أن نصفه بأنه فيلم Cult.
فى البدء يجب التوقف أمام الترجمة الحرفية لكلمة Cult والتى تعنى "طائفة" من الناس تربطها صفة مشتركة. وبإسقاط المفهوم على السينما فهو سيعنى الأفلام التى تحظى بمكانة خاصة عند مجموعة معينة من الجمهور، بالرغم من أنها لم تتمتع بالتقدير الجماهيرى العام أو الاحتفاء النقدى بصورة كافية لاعتبارها من الروائع وقت صدورها، ولكنها اكتسبت مع مرور الوقت جماهيرية متصاعدة بين قطاعات معينة وفى أحيان تكون قد اكتسبت مديح وإعادة اكتشاف من النقاد أنفسهم باعتبارها لم تأخذ حقها أو تم فهمها بشكل خاطىء أو لم يسلط عليها الضوء بشكل كافٍ، أو حتى تم منعها لما تحتويه من عنف مفرط أو جرأة جنسية، أو مواضيع شائكة.
وفى أحيان لا يجد أنصار تلك الأعمال سبباً
فنياً واضحاً للاحتفاء بها، فيحبونها لأسباب لا عقلانية بها نوع من الشعور بالذنب
أو ما يُعرف إصطلاحاً بالـ Guilty Pleasure. لأن هذه الأفلام، وكما يصفها محرر موقع كرايتيريون
السينمائى: "تتأرجح فوق الخيط الرقيق الذى يصل الفن الراقى بالفن
الهابط". بينما كثيراً ما يعى أنصار تلك الأفلام الأسباب الفنية الموضوعية
التى تجعلهم يحبونها بالرغم من ظلمها وتجاهلها بواسطة التيار العام، الوضع الذى
تشبهه "جوى كوينان" محررة الجارديان كما يلى: "أفلام الـCult هى المعادل فى الثقافة
الجماهيرية لأطول مبنى فى مدينة كنساس، ربما لا يعلم جميع سكان العالم بوجود مبنى
شاهق الارتفاع فى هذه المدينة، ولكن سكانها يعرفون".
وما ساعد على تكوّن هذه الحالة بين جمهور السينما الأميريكى هو وجود مجتمعات سينمائية فى الأساس، تشكلت على خلفية السينما كمادة تُدرس فى المدارس، ما يفتح الباب أمام تنظيم نوادى السينما والتواصل الحى بين مهووسى الأفلام. بينما فى الواقع المصرى والعربى ظل التواصل مُنعدماً إلى أن جاءت مؤخراً المواقع الالكترونية بواقعها الافتراضى لتكون وسيلة هذا التواصل.
وما ساعد على تكوّن هذه الحالة بين جمهور السينما الأميريكى هو وجود مجتمعات سينمائية فى الأساس، تشكلت على خلفية السينما كمادة تُدرس فى المدارس، ما يفتح الباب أمام تنظيم نوادى السينما والتواصل الحى بين مهووسى الأفلام. بينما فى الواقع المصرى والعربى ظل التواصل مُنعدماً إلى أن جاءت مؤخراً المواقع الالكترونية بواقعها الافتراضى لتكون وسيلة هذا التواصل.
ولا شك بأن فيلم مثل "أرض الخوف - 1999" للمخرج داوود عبد السيد هو أحد أكثر الأفلام التى تنطبق عليها حالة الطائفة cult ، فهو من ناحية لم يأخذ حقه من المشاهدة والاهتمام الجماهيرى فى وقت عرضه نظراً لتزامن هذا التوقيت مع سطوع موجة السينما الشبابية الكوميدية التى اكتسحت الساحة المصرية بأفكارها البسيطة التى تميل للسطحية، وميولها العائلية المحافظة، ما جعل المناخ غير ملائم بالنسبة لفيلم يتناول المعضلة الوجودية للإنسان بجرأة "أرض الخوف"، وبرمزيته الشائكة وتعرضه لقصة الخلق والخطيئة الأولى. لكنه مع الوقت استطاع تجميع فئات من المحبين حوله، وظهرت على الشبكة الإلكترونية عديد من التدوينات النقدية التى تمدحه وتتناوله من أكثر الزوايا جرأة.
يشترك "أرض الخوف" مع فيلم
"المشبوه - 1981" للمخرج سمير سيف، الذى يعتبر أيضاً فيلم طائفة، حيث
عانى الفيلمان من التجاهل والتهميش لفترات من العرض على تلفزيون الدولة الرسمى،
منصة العرض الأولى فى العقود الماضية، الأول نظراً لجرأته الفلسفية، أما الثانى
فنظراً لتقديمه نموذج سلبى لرجل الشرطة المصرى الذى ينخرط فى عمليات تعذيب وتصفية
حسابات مع مجرم تائب. يُمثل "المشبوه" حالة خاصة أخرى بكونه قد شهد أول
الأدوار الجادة لنجم السينما المصرية الألمع "عادل إمام" بعد سلسلة من
الأدوار الهزلية والأفلام الخفيفة، وقد صنعت حالة الندرة والخصوصية تلك هالة مميزة
حول الفيلم جعلته من أكثر الأفلام شعبية تحت الأرض عن طريق نوادى شرائط الفيديو أو
تبادل نسخته المسجلة من إحدى القنوات الفضائية السعودية عبر الأقراص الصلبة والمرنة
فى بداية عصر الحاسب الآلى.
وإن كنا نتحدث عن الشعبية عبر الوسائط
الإلكترونية فلا يمكن تجاهل فيلم صدر ببداية الألفية بعنوان "رجال لا تعرف
المستحيل"، صنعه مجموعة من الشباب الهواة بميزانية ضئيلة وأدوات بدائية لكن
قُدّر له الانتشار بين فئة المراهقين والشباب فى فترة وجيزة وبأساليب توزيع غير
شرعية، ما أدى بجهاز الأمن القومى المصرى لاستجواب صناعه وتحذيرهم من تكرار
التجربة إللا عبر القنوات الشرعية، وقد أصبح صناعه الآن نجوماً لامعة على الساحة
الكوميدية المصرية وصنعوا بعض التجارب الناجحة مثل فيلم "سمير وشهير
وبهير".
وعلى نفس منهجهم ما بعد الحداثى من الكوميديا قدّم المخرج أحمد مكى فيلماً بعنوان "الحاسة السابعة - 2005"، ولم يلق أى نجاح وقت صدوره، لكن الفيلم بمرور الوقت وبعد أن استطاع الجمهور تدريجياً التآلف واستيعاب هذا النوع من الكوميديا من مكى عن طريق تجاربه التالية، أصبح للفيل كثير من المعجبين الذين اجتمعوا على أنه فيلم راقى فنياً وقد ظُلِم وقت عرضه.
والرقى الفنى ليس وحده ما يعطى صفة الطائفة للأفلام، هناك أفلام شديدة السوء يمكننا وصفها بأنها أفلام طائفة، لعل أبرزها الفيلم الكوميدي "4-2-4" الذى صُنع على طراز أفلام المقاولات الرخيصة فى ثمانينيات القرن الماضى، ولكن خفة ظل نجومه وهزليته الاستثنائية ظلّت تستقطب يومياً فئات من المعجبين أغلبهم من جمهور كرة القدم، ولعل جميعهم يدرك مدى سوء المستوى الفنى لهذا الفيلم، ولكنها المُتعة المُذنبة.
فيلم "شمس الزناتى - 1991" للمخرج سمير سيف ينتمى أيضاً للنوع السابق من أفلام الطائفة، فبرغم كونه تمصيراً متواضع الفنية لملحمة أكيرا كوروساوا "الساموراى السبعة - 1954"، إلا أن قطاعاً خاصاً من الجمهور يكن اخلاصاً شديداً لهذا الفيلم ويحفظ قفشاته الخرقاء عن ظهر قلب، بل أن شخصيات الفيلم بأسمائها الغريبة وصفاتها القتالية المميزة صنعت ما يشبه الظاهرة فى الثقافة الجماهيرية المصرية أشبه بظواهر أفلام الكوميكس بأميريكا، لا داعى للحديث عن موسيقى هانى شنودة المستلهمة من موسيقات أفلام الغرب الأميريكى والتى كللت هذه الحالة.
وعلى نفس منهجهم ما بعد الحداثى من الكوميديا قدّم المخرج أحمد مكى فيلماً بعنوان "الحاسة السابعة - 2005"، ولم يلق أى نجاح وقت صدوره، لكن الفيلم بمرور الوقت وبعد أن استطاع الجمهور تدريجياً التآلف واستيعاب هذا النوع من الكوميديا من مكى عن طريق تجاربه التالية، أصبح للفيل كثير من المعجبين الذين اجتمعوا على أنه فيلم راقى فنياً وقد ظُلِم وقت عرضه.
والرقى الفنى ليس وحده ما يعطى صفة الطائفة للأفلام، هناك أفلام شديدة السوء يمكننا وصفها بأنها أفلام طائفة، لعل أبرزها الفيلم الكوميدي "4-2-4" الذى صُنع على طراز أفلام المقاولات الرخيصة فى ثمانينيات القرن الماضى، ولكن خفة ظل نجومه وهزليته الاستثنائية ظلّت تستقطب يومياً فئات من المعجبين أغلبهم من جمهور كرة القدم، ولعل جميعهم يدرك مدى سوء المستوى الفنى لهذا الفيلم، ولكنها المُتعة المُذنبة.
فيلم "شمس الزناتى - 1991" للمخرج سمير سيف ينتمى أيضاً للنوع السابق من أفلام الطائفة، فبرغم كونه تمصيراً متواضع الفنية لملحمة أكيرا كوروساوا "الساموراى السبعة - 1954"، إلا أن قطاعاً خاصاً من الجمهور يكن اخلاصاً شديداً لهذا الفيلم ويحفظ قفشاته الخرقاء عن ظهر قلب، بل أن شخصيات الفيلم بأسمائها الغريبة وصفاتها القتالية المميزة صنعت ما يشبه الظاهرة فى الثقافة الجماهيرية المصرية أشبه بظواهر أفلام الكوميكس بأميريكا، لا داعى للحديث عن موسيقى هانى شنودة المستلهمة من موسيقات أفلام الغرب الأميريكى والتى كللت هذه الحالة.
"البداية" و"فوزية
البورجوازية" فيلمان كتبهما "لينين الرملى" فى ثمانينيات القرن
الماضى، أى فى عصر الاستقرار والركود السياسى، لكنهما لم ينالا اهتماماً مثل الذى
نالاه بعد الحراك السياسى الذى حدث فى يناير 2011، نظراً لموضوع الفيلمين بنزعته
السياسية الساخرة وامتلائهما بالتعبيرات والمصطلحات السياسية الغريبة على المواطن
العادى، ما تناغم مع حالة الزخم والاستقطاب التى عاشها المصريون فى ذلك الوقت.
ولعل فيلمىن "الإنسان يعيش مرة واحدة – 1981" للمخرج سيمون صالح، و"أيس كريم فى جليم - 1992" للمخرج خيرى بشارة، نموذجان ساطعان على مفهوم فيلم الطائفة فى السينما المصرية. فالأول يحظى بأبرز عملية إعادة اكتشاف عبر الأجيال الجديدة من الشريحة المثقفة التى صُدمت بوجودية هذا الفيلم المُتجاهلة وبرومانسيته الفريدة، وهذا يظهر على مواقع التواصل الاجتماعى. بينما الفيلم الثانى أصبح يُنظر إليه من النقاد بصورة مُختلفة عن وقت صدوره، فلم يعد ذلك الفيلم التجارى لبطله نجم البوب الأنجح الذى يغنى للأيس كريم، بل أصبحنا نقرأ مقالات نقدية تعطى الفيلم المكانة والأهمية التى كان يستحقها سواء على الصعيد الفنى أو الاجتماعى؛ كونه من أول الأفلام التى بشّرت بظهور جيل جديد من الذوق والقيم والأحلام وحتى الفن والموسيقى.
ولعل فيلمىن "الإنسان يعيش مرة واحدة – 1981" للمخرج سيمون صالح، و"أيس كريم فى جليم - 1992" للمخرج خيرى بشارة، نموذجان ساطعان على مفهوم فيلم الطائفة فى السينما المصرية. فالأول يحظى بأبرز عملية إعادة اكتشاف عبر الأجيال الجديدة من الشريحة المثقفة التى صُدمت بوجودية هذا الفيلم المُتجاهلة وبرومانسيته الفريدة، وهذا يظهر على مواقع التواصل الاجتماعى. بينما الفيلم الثانى أصبح يُنظر إليه من النقاد بصورة مُختلفة عن وقت صدوره، فلم يعد ذلك الفيلم التجارى لبطله نجم البوب الأنجح الذى يغنى للأيس كريم، بل أصبحنا نقرأ مقالات نقدية تعطى الفيلم المكانة والأهمية التى كان يستحقها سواء على الصعيد الفنى أو الاجتماعى؛ كونه من أول الأفلام التى بشّرت بظهور جيل جديد من الذوق والقيم والأحلام وحتى الفن والموسيقى.
التسميات:
شارك الموضوع
0 التعليقات:
إرسال تعليق